النطق السامي للمقام السامي حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح (حفظه الله و رعاه) بعد أداء سموه (حفظه الله و رعاه) اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله الذي لا يحمد على مكروه سواه و الصلاة و السلام على سيدنا محمد سيد الأولين و الآخرين و حبيب رب العالمين و على آله و أصحابه الكرام الطيبين .

-معالي الأخ / أحمد عبد العزيز السعدون ، رئيس مجلس الأمة

-سمو الشيخ / أحمد نواف الأحمد الصباح ، رئيس مجلس الوزراء

-الأخوة و الأخوات أعضاء السلطتين التشريعية و التنفيذية

أيها الحضور الكريم

أحييكم بتحية الإسلام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،  ألتقي بكم اليوم في ظل هذه الأجواء الحزينة و الظروف الأليمة و الأوقات العصيبة ألتقي   بكم و في العين دمعة و في القلب غصة و حسرة و في النفس لوعة و حرقة، ألتقي بكم و الكلمات تضيق و تعجز عن التعبير عما يختلج في خاطري و في نفسي شخصيًا من مشاعر الحزن و الأسى على فراق أخي و رفيق عمري و دربي المغفور له بإذن الله الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه و جعل الجنة و دار الخلد مثواه،  ألتقي بكم لأستذكر بكل معاني الفخر و الاعتزاز ما قدمه فقيد الوطن لشعبه الكريم من إنجازات متميزة لصالح الوطن و المواطنين و ما سجله خلال حياته من دور أبوي و إنساني بارز و مشرف شهد له الجميع .

حيث أعطى بلا حدود عطاءًا من غير منة و ترك لنا سيرة عطرة و مناقب رفيعة جميلة فريدة في الوصف و العدد و تفرد في تواضع شامخ فكان بحق شيخ التواضع و المتواضعين مما جعل التواضع يعزي بعضه بعضا بفقده و رحيله و لقد كان له منا السمع و الطاعة و لم نخالف سموه قط في القرارات و التعليمات التي أمر بها رغم عدم قناعتنا ببعضها لأن طاعته من طاعة الله و عزائنا و عزاء أهل الكويت هو جميل ما تركه لنا رحمه الله من مآثر حميدة و أخلاق زكية كريمة ستبقى ذكراها خالدة تسكن العقل و الوجدان و نحن بقضاء الله و قدره مؤمنون و إنا على فراقك يا أميرنا لحزونون و لا نقول إلا بما يرضي الله و ما يقوله الصابرون "الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله و إنا إليه راجعون "

و لا يفوتنا و نحن في هذا المقام إلا أن أسجل أسمى آيات الشكر و التقدير و الاعتزاز للشعب الكويتي الوفي الذي عبر و بصدق عن أرقى و أعذب مشاعر العزاء و الشكر و التقدير موصول لكافة قادة و زعماء الدول الشقيقة و الصديقة و لكل من حضر و قدم واجب العزاء و من حضر من المعزين و لم يتمكن من تقديم واجب العزاء لكثافة الحضور و ضيق الوقت و الشكر أيضا لكل من عبر عن ذلك بكافة وسائل التواصل الاجتماعي و لا أملك إلا أن أقول للجميع جزاكم الله عنا و عن الوطن و عن أهل الفقيد خير الجزاء و تقبل الله دعاءكم و لا أراكم الله سوء و لا مكروه و نلتمس العذر لمن لم .يحضر

إخواني وأخواتي أبناء وطني العزيز

ما أثقل حمل الأمانة و ما أعظم أداء القسم العظيم و ما أشد الوفاء بالعهد و الوعد و أنا اليوم و قد تسلمت زمام الحكم تكليفا لا تشريفا فإني من خلال مجلسكم الموقر أعاهد الله سبحانه و تعالى ثم أعاهد الشعب الكويتي الوفي كممثلين له أن أكون المواطن المخلص لوطنه و شعبه الحريص على رعاية مصالح البلاد و العباد المحافظ على الوحدة الوطنية الساعي إلى رفعة الوطن و تقدمه و ازدهاره المتمسك بالدين الحنيف و الثوابت الوطنية و الدستورية الراسخة حاملا لواء احترام القانون و تطبيقه المحارب لكافة صور الفساد و أشكاله مستذكرا ما تركه لنا الآباء و الأجددا من أمانة الحفاظ على الوطن و منفذا وصية حكامنا السابقين طيب الله ثراهم بأن الكويت هي البقاء و الوجود و أن أعمارنا إنما هي في أعمالنا و أود أن أؤكد لكم في خطابي هذا استمرار نهج و دور الكويت الريادي مع الدول الشقيقة و الصديقة في مختلف القضايا و الموضوعات ذات الاهتمام المشترك محافظين على التزاماتنا الخليجية و الإقليمية و الدولية.

إخواني وأخواتي أبناء وطني العزيز

أكدنا في خطاباتنا السابقة بأن هناك استحقاقات وطنية ينبغي القيام بها من قبل السلطتين التشريعية و التنفيذية لصالح الوطن و المواطنين و بالتالي لم نلمس أي تغيير أو تصحيح للمسار بل وصل الأمر إلى أبعد من ذلك عندما تعاونت السلطتين التشريعية و التنفيذية و اجتمعت كلمتهما على الإضرار بمصالح البلاد و العباد و ما حصل من تعيينات و  نقل في بعض الوظائف و المناصب و التي لا تتفق مع أبسط معايير العدالة و الإنصاف و ما حصل كذلك في ملف العفو و ما ترتب عليه من تداعيات و ما حصل من تسابق لملف رد الاعتبار لإقراره لهو خير شاهد و دليل على مدى الإضرار بمصالح البلاد و مكتسباته الوطنية و مما يزيد من الحزن و الألم سكوت أعضاء السلطتين التشريعية و التنفيذية عن هذا العبث المبرمج لهذه الملفات و غيرها مما أسبغ عليها صفة الشرعية و كأن الأمر أصبح بهذا السكوت يمثل صفقة تبادل المصالح و المنافع بين السلطتين على حساب الوطن و المواطنين لهذا جاء قرارنا السيادي مكتوبا بوقف جزء من هذا العبث من خلال وقف قرارات التعيين و الترقية و النقل و الندب لأجل مسمى و سيتم إن شاء الله التعامل مع باقي الملفات الأخرى فيما بعد بما يحقق مصالح البلاد العليا.

إخواني وأخواتي أبناء وطني العزيز

حذرنا في مناسبات عديدة بأن الأزمات و التحديات و الأخطار محيطة بنا و أن الحكمة تقتضي منا إدراك عظم و حجم المسؤولية و التمسك بالوحدة الوطنية التي هي ضمانة البقاء بعد الله مما يتعين علينا اليوم و نحن نمر بمرحلة تاريخية دقيقة ضرورة مراجعة واقعنا الحالي من كافة جوانبه خصوصا الجوانب الأمنية و الاقتصادية و المعيشية و التي هي وصية أميرنا الراحل طيب الله ثراه و أن نتحاور و أن نتبادل الرأي و المشورة و النصيحة و أن نسعى جميعا لإشاعة أجواء التفاؤل و بث روح الامل لتحقيق الطموح المنشود و ضرورة التأني و التريث في إصدار القوانين و القرارات التي لها تأثير على المكتسبات الوطنية حفاظا على الهوية الكويتية و تعزيزا للمواطنة الحقة للكويتيين الذين يؤمنون [ان الكويت هي البقاء و الوجود و أن الولاء لها .

إخواني وأخواتي أبناء وطني العزيز

من مسؤولية و أمانة الحكم فإنه يتوجب علينا كقيادة سياسية انطلاقا أن نكون قريبين من الجميع و نسمع و نرى و نتابع كل ما يحدث من مجريات الأمور و الأحداث مؤكدين على أهمية المتابعة و المراقبة المسؤولة و المساءلة الموضوعية و المحاسبة الجادة في إطار الدستور و القانون عن الإهمال و التقصير و العبث بمصالح الوطن و المواطنين فسيروا على بركة الله و توفيقه و نحن دائما معكم على الوعد و العهد الذي قطعناه على أنفسنا باقين و بالقسم العظيم بارين أوفياء للوطن و المواطنين.

و في الختام أدعو الله في علاه أن تبقى الكويت واحة أمن و أمان و منبع خير و سلام و أن يديم على التقدم و الرخاء و يحفظ أهلها الأوفياء أعزة كرماء و أن يسدد على دروب الخير و التوفيق جميع خطاكم و أن يوفقكم إلى ما يحبه و يرضاه و أن يجمع قلوبنا على محبة الكويت و نفوسنا على التضحية من أجلها و أن يرحم شهداءنا الأبرار و أن يتغمد موتانا و موتى المسلمين بواسع رحمته و أن يشفي مرضانا و مرضى المسلمين و أن يمتعنا بالصحة في الأبدان و في الوطن بالأمن و الأمان

"ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا"
وآخر دعوانا / أن الحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.